قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر .. حين يسود العدل

قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر
ooooo

قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر هي قصة قصيرة المبنى قليلة الأحداث، لكنها عظيمة المعنى، تحمل للعالم رسائل العدل والتواضع وإنصاف المظلومين، من قبل قادة الإسلام والمسلمين، وهنا سنتعرف على تلك القصة و نخوض في تفاصيلها ونقلها لمن لا يعرف أحداثها، متمنين أن تكون بين سطورها عبرة لأولي الأبصار.

قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر

تبدأ قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر من بداية تعيين عمرو بن العاص والياً على مصر، حيث انتقل إليها وبدأ ممارسة مهام الولاية عام واحد وعشرين من الهجرة الموافقة لعام ٦٤٢ م، حيث انتصر على الروم وعقد معاهدة انسحاب، انتهى بها حكم البيزنطيين وبدأ بها حكم المسلمين، وكان عمرو بن العاص أول حكام الدولة الإسلامية في مصر.

اتسم حكم عمرو بن العاص بالقوة والعدل والتواضع، فقد سار على نهج الخلفاء الراشدين واقتدى بهم، فما كان ليستغل سلطته في كسب المال بغير حق، ولا ليؤثر أهل بيته أو ذويه بالمناصب أو المزايا، ولم يعط حقاً لمن لا يستحق، ولم يكن عنصرياً يفرق بين المسلمين وبين الأقباط بل كان حازماً وجمع شمائل العدل في أفضل صوره.

بداية القصة

كان ابن عمر بن العاص -رضي الله عنه- فتى حديث السن، وكان ذات يوم يتشارك اللعب ويقضي بعض وقته مع غلام مصري قبطي في نفس سنه، فكانا يتسابقان في الجري، يغلب أحدهما مرة ويغلب الآخر مرة، وفي مرة سبق القبطي بن عمرو بن العاص، مما جعله يشعر بالغيظ والضيق الذي يشعر بها الصغار في هذه الحالة فضربه بالسوط، وقال له : (أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟) فعل ما فعله وهو غلام لا يدرك خطورة فعلته ولا أثرها عليه وعلى والده.

شاهد: تفسير رؤية الناقة في المنام لابن سيرين للمتزوجة والعزباء .. تفسير هجوم الناقة في المنام

بداية القصة
بداية القصة

ردة فعل الغلام

لم يذكر الرواة أي ردة فعل للغلام القبطي، أو أنه ذهب يشتكي لعمرو بن العاص من ابنه، ولكنهم ذكروا أنه توجه مع والده مباشرة إلى المدينة  المنورة، حيث مقر حكم  عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه-  خليفة المسلمين، ليشهد التاريخ فيما بعد عدل عمر بن الخطاب وتواضعه بموقف لا يمكن نسيانه أو غض الطرف عنه.

الشكوى لعمر ابن الخطاب

استقبل عمر بن الخطاب شكوى القبطي، دون أن ينهره أو يسفه الخطب الذي جاء به من مصر إلى المدينة، أو يسخر من بضع ضربات بالسوط من غلام صغير، وهو ابن الوالي نفسه، بل كان له موقف حازم وصارم وسريع.

فور سماع الشكوى استدعى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كاتبه، وأمره بكتابة خطاب شديد اللهجة إلى والي مصر كان نصه: (إلى العاص بن العاص، أحضر إلى المدينة مع ابنك فورا!!).

وبمجرد وصول كتاب الخليفة عمر بن الخطاب إلى والي مصر عمرو بن العاص، أعد عدته واستعد الى السفر، ثم وصل المدينة في  وقت ممكن إلى المدينة.

حضر والي مصر وابنه ومثلا بين يدي الفاروق عمر مع خصمه القبطي وابنه، لتحدث قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر وكأنها ومضة خاطفة تعكس معنى العدل والمساواة وإدارة الشكاوى، والحكم بين الخصوم دون تحيز لأحد على أحد، أو محاباة أو تحامل أو غيره من الاعتبارات والأهواء التي تجعل ميزان العدل يختل.

قد يهمك: تفسير حلم رؤية البقرة في المنام لابن سيرين .. البقرة في المنام النابلسي و بن شاهين

الشكوى لعمر ابن الخطاب
الشكوى لعمر ابن الخطاب

اعتراف ابن عمرو بن العاص وحكم عمر

بمجرد دخول عمرو بن العاص وابنه توجه أمير المؤمنين بالخطاب إلى الغلام  وسأله عن مظلمته، فما كان منه إلا أن أخبره بأمر السباق الذي جرى بينه وبين ابن الوالي، وما كان منه من قول وفعل.

لم ينكر ابن عمرو بن العاص ما كان أو ينفيه، بل اعترف به وأقره، مما حمل الخليفة على أن يعطي الفتى القبطي عصا ويطلب منه أن يضرب ابن الوالي، ويقتص منه كما ضربه قائلاً: اضرب بن الأكرمين!

فعل الغلام ما طلب منه، وضرب ابن عمرو بن العاص حتى شفي غليله وذهب غيظه، واسترد مظلمته ونال منه حقه ومستحقه!

ولكن هل انتهى الموقف عند هذا الحد؟ بالطبع لا، بل طلب عمر بن الخطاب من الغلام القبطي أن يضرب عمرو بن العاص على رأسه، مبرراً طلبه بقوله: ما ضربك هذا ” مشيرا إلى ابن عمر بن العاص”  إلا لسلطان هذا “مشيراً إلى عمرو بن العاص نفسه”.

ثم قال عمر بن الخطاب مقولته الشهيرة موجهاً حديثاً قاسياً إلى والي مصر: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟

تأملات في قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر

نحن نسوق القصص التاريخية لنتعلم منها ونتأمل ما فيها من الدروس والعبر، ولعل تلك القصة القصيرة قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر  وورعه تحمل عدة دروس أهمها:

  • تواضع والي مصر عمرو بن العاص ومخالطته لأبناء مصر من المسلمين والأقباط، مخالطة تسمح لأبنائهم أن يلعبوا مع أبنائه.
  • ثقة الأقباط بعدالة عمر  بن الخطاب ونزاهته، ولولا تلك الثقة لما توجهو إليه بشكواهم قاطعين آلاف الكيلو مترات من مصر الى المدينة.
  • اهتمام عمر بن الخطاب بأمور رعيته في كل بقعة من بقاع خلافته.
  • لم يستهن عمر بشكوي القبطي، بل ارسل في طلب والي مصر وأمره بالسفر من مصر إلى المدينة، حتى يبت في الأمر.
  • واجه عمر بن الخطاب الخصمين، واقتص الغلام القبطي من ابن الوالي، دون أدنى مجاملة أو محاباة.
  • استطاع الغلام القبطي ووالده الوصول إلى أمير المؤمنين ولقائه بمنتهى السهولة، دون أن يمنعه حارس أو وزير أو غيره مما نراه في عصرنا.

وأخيراً نكون قد وصلنا إلى ختام موضوعنا حول قصة عدل عمر بن الخطاب مع ابن والي مصر، وما تنطوي عليه من معاني أخلاقية وإسلامية وإنسانية  راقية، تسمو بالمجتمعات وتعالج الكثير من القضايا والصراعات، التي يعاني منها مجتمعنا في العصر الحالي.

قد يهمك ايضا: